الطرق الجديدة المستخدمة للتداوي من مرض البول السكرى
تهدف الابتكارات والتقدم التقني في طرق التداوي, إضافةً إلى التطورات المتتالية التي تقود تدريجيًا إلى تكوين البنكرياس الاصطناعي وأجهزة قياس الجلوكوز الحديثة التي تشبه الهواتف الذكية فى عملها, إلى تحسين حياة مرضى البول السكرى الصحية.
مرض البول السكري، هو ذلك المرض الذي يؤثر سلبًا على عمر المريض ونوعية الحياة التي يحياها ويؤدى إلى ذلك تدريجيًا وبشكل صامت في حالة عدم تشخيص المريض، وقد تزايد معدل الإصابة بذلك المرض بشكل ملحوظ في الآونة الاخيرة. ومن المُلاحظ أيضًا عدم إدراك نسبة كبيرة من هؤلاء المرضى حتى بإصابتهم به! وقد تجدهم فى الواقع أيضًا يصفون أنفسهم “بأصحاب الأسنان السكرية”. ومن الضروري بالنسبة لهؤلاء المرضى أن يدركوا إصابتهم بهذا المرض والعمل على التغيير من أسلوب حياتهم للحد من الأضرار التي قد يسببها هذا المرض. وفى هذا المقالة نقوم بإطلاعكم على المعلومات التى تلقيناها من الدكتور ياسر سليمان أوغلو، أخصائي الأمراض الباطنية في عيادة أمراض السكري التابعة عيادات شارع أتشيبادم بغداد الخارجية بخصوص مرض السكرى وأساليب العلاج والمنتجات التقنية الصديقة لمرضى البول السكرى.
ما هو دور السكري وما يمثله من أهمية على صحة الإنسان؟
يحتاج مرض البول السكرى إلى تفصيل دقيق، إذ أن هذا المرض الذى يمكن وصفه بإيجاز بأنه خلل في مستوى السكر في الدم, حيث يكون مستوى الجلكوز في الدم أعلى من الطبيعي. الأمر الذي يتسبب في قصور في وظائف الأعضاء على المدى البعيد أو القصير. ويكون السكرى مصحوبًا بزيادة في الوزن (أو ما يطلق عليه بطريقة أخرى السمنة), وينتشر في المدن والعواصم. وتزداد أعباؤه ومشاكله الصحية بشكل مُكثف. فهذا المرض له العديد من الآثار السلبية، كمشاكل الرؤية واضطرابات القلب والأضرار التي تلحق بالنهايات العصبية وقصر العمر الافتراضي للمريض.
إن عدد المصابين غير المدركين لإصابتهم بهذا المرض ليس بالقليل. فما هى الأعراض التي يسببها هذا المرض على المصاب به؟
يتمثل هذا المرض عند ظهوره في نوعان, النوع الاول والنوع الثاني. فالنوع الأول يظهر تدريجيًا عند الأطفال. ويمكن لهذا النوع أن يظهر نفسه جليًا بإصابته المريض بالتوتر أو الأنفلونزا الشديدة أو التهاب المسالك البولية دون إظهار ثمة مؤشرات مسبقة تدل على ذلك.
وعادةً ما يتم جلب الأطفال المصابين بمرض السكري لمشاورة الطبيب فى المشاكل التي يسببها هذا المرض كالتبول المتكرر والجفاف الفموي. ويمكن تشخيص هذا المرض بشكلٍ فوري عن طريق الكشف عن ارتفاع مستوى الجلوكوز في بول أو دم المرضى. ومع ذلك, فإن هؤلاء الأطفال لا يمثلون إلا نسبة 5% فقط بالمقارنة بالنوع الثاني. وفي علاج مرض السكري من النوع 1، يتم البدء في إعطاء المرضى الأنسولين بشكلٍ فوري مع وضعهم تحت إشراف صحى دقيق. وتكمن المشكلة الحقيقية في نسبة الـ 95% المتبقية من السكان. فهذه الفئة من السكان، والتي تتراوح أعمارهم في الغالب بين 35 أو 40عامًا، هم الذين يتسمون بزيادة الوزن مع وجود تاريخ مرضى لعائلاتهم بهذا المرض ويأكلون طعامًا غير صحي ولا يمارسون التمارين الرياضية اليومية. وأولئك الاشخاص الذين يعملون طوال اليوم دون رعاية لتناول الطعام والذين ينتهي بهم الأمر غالبًا أمام الثلاجة مساءً يندرجون أيضًا ضمن هذه المجموعة ويميل هذا المرض عمومًا إلى التقدم غدرا وببطء في أجساد هذه المجموعة من الناس.
يتمثل ظهور هذا المرض بأعراض منها الأسنان السكرية والهزال عند الجوع والشعور بالنعاس بعد وجبات الطعام والشغف لأطعمة محددة. ويظهر داء السكري من النوع الثاني نفسه في شكلين، أولهما مرض السكري الحدودي، وفى هذه الحالة لا يظهر له أعراض، والنوع الثاني هو السكري العادي، وفى هذا النوع تظهر بعض الأعراض. ويمثل السكرى الحدودي النوع الأشد خطرًا لأن المرضى المصابون به لا يشعرون بحاجتهم إلى استشارة طبية ولا يدركون حقيقة أنهم فى حالة مرضية تستدعى الذهاب للطبيب. فهم يؤمنون ببساطة أن زيادة أوزانهم ترجع إلى حبهم إلى تناول الطعام, أما من الناحية الأخرى، فإن الأشخاص المصابون بالسكرى المعتاد يتم تشخيصهم وعلاجهم سريعًا.
هل من الممكن التعافي من داء السكري بشكلٍ كامل؟
في الحالات التي يظهر فيها المرض، تكون نسبة من 50 إلى 60٪ من البنكرياس قد فقدت بالفعل. ومن قم فإن مرض السكري يعد حالة مرضية دائمة مدى الحياة. ويتطلب علاجه تغيير نمط الحياة وتناول طعام صحي وممارسة تمرينات رياضية والمواظبة على الأدوية. وقد لا تصبح الأدوية ضرورية في الحالات التي يمكن أن يبقى المرض فيها تحت السيطرة ويكون هذا بممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي. غير أن المريض يكون بحاجة إلى نوع أو اثنين من الأدوية في حالات أخرى. وفي بعض الأحيان يكون من الضروري أيضًا بالنسبة للمرضى استخدام الأنسولين بالإضافة إلى الأدوية. ويعد ذلك أمرًا بالغ الاهمية بغية مراقبة مستوى السكر في الدم والحفاظ عليه ضمن مستويات مناسبة. وهو ما يؤدي بدوره إلى الوقاية من تلف الاعضاء الذى قد ينشأ من مرض السكرى.
هل يمكن أن تخبرنا عن التطورات في علاج هذا المرض الذي يؤثر على العالم كله؟
يتطلب علاج السكري العلاج الطبي وتغيير نمط الحياة.
“لقد ارتفع معدل الإصابة بمرض السكري خلال السنوات الأخيرة. فهذا المرض، والذي عادةً ما يكون مصحوبًا بزيادة في الوزن (وبعبارة أخرى، السمنة)، يكون أكثر شيوعًا في المدن الكبرى.”
يتضمن العلاج الطبي أخذ الحبوب أو الأنسولين أو كليهما. وهناك أيضًا تطورات تكنولوجية تنعكس من خلال المنتجات التي تزيد راحة المريض. فعلى سبيل المثال، كان من الممكن أن يظهر مقياس الجلوكوز نتائج خاطئة في الماضي؛ غير أن أصبح ممكنًا الآن قياس نسبة الجلوكوز في الدم في زمن يتراوح من 3 إلى 10 ثوانٍ وبنتائج عالية الدقة والتي تكون قريبة للغاية من مستويات الجلوكوز الفعلية. وعلاوةً على ذلك، تُساعد بعض برامج الكمبيوتر الحديثة في حساب الاحتياجات الغذائية اليومية للمرضى، وذلك استنادًا إلى مستويات الدهون والبروتين والسكر في الأطعمة المستهلكة. فتحديد مستويات هذه المكونات مهم جدًا في متابعة هؤلاء المرضى.ثمة تطور آخر في هذا المجال ينطوي على أجهزة الاستشعار التي يستخدمها الناس عند حاجتهم إلى قياس مستوى السكر في الدم بصورة مستمرة. وسوف تصبح هذه الأجهزة، التي توضع تحت الجلد، متاحة تدريجيًا للاستخدام من قبل العوام في غضون سنة أو سنتين. ويمكن حاليًا استخدام هذه المستشعرات، التي يتم الانتهاء من العمليات المختبرية واجراء الاختبارات عليها، في رصد مستويات السكر في الدم من خلال تطبيقات الهاتف المحمول. وترجع المشكلة الكبرى في علاج مرض السكري إلى فقدان الوعي الذي يحدث في حالات انخفاض مستوى السكر في الدم أو نقص السكر في الدم، والمعروفة أساسًا باسم غيبوبة السكرى. وهذه الحادثة التي لا يرغب الأطباء في حدوثها يمكن أن تحدث لدى أولئك الأشخاص الذين يستخدمون الأدوية والأنسولين في تقليل مستوى الجلكوز في الدم، وفى هذه الحالة أن تأتى في المقدمة مضخات الأنسولين بهدف زيادة راحة المرضى في مثل هذه الظروف الطارئة. إذ أن نظام عمل هذه الطرق يُحدد كمية الأنسولين التي يطلبها الجسم. وثمة تطور آخر مثير في هذا المجال يتمثل في البنكرياس الاصطناعي! حيث أن البنكرياس يطلق الأنسولين عندما يزيد مستوى الدم ويفرز الجلوكاجون أيضًا، والذى له تأثير معارض لعمل الأنسولين، ويحدث ذلك عند انخفاض مستوى الدم. وبما أنه لا توجد حاليًا أي منتجات قادرة على أداء كل من هذه الوظائف، فمن ثم يكون المرضى بحاجة إلى أخذ هذه الهرمونات من الخارج. وبناءً عليه، يعتبر البنكرياس الاصطناعي بمثابة تطورًا من شأنه تعزيز راحة المريض بشكل كبير.
ماهي التدابير التي يمكن اتخاذها لمنع هذا المرض؟
تقوم تقنيات المختبرات الحديثة بتحديد إمكانية تطور مرض السكري لدى الفرد خلال 5 أو 6 سنوات تالية. ويساعد فى هذه العملية اختبارات مقاومة الأنسولين، اختبارات تحمل الجلوكوز عن طريق الفم، كما يكون للعوامل الوراثية أيضًا أثرًا جوهريًا في هذه العملية. ويعتبر عدد خيارات العلاج الطبي الحالية الآن أعلى بكثيرٍ مما مضى. فالآن هناك أدوية الجيل الجديد التي بإمكانها تحفيز البنكرياس. والذى بدوره يجعل من الممكن دمج العلاجات أمرًا متاحًا. إذ أنه لم يعد ممكنًا بعد اختيار الأدوية باستخدام طريقة التجربة والخطأ.
هل التدخل الجراحي لعلاج السمنة هو الحل لعلاج السكرى؟
إن السمنة، التي زاد انتشارها بسرعة ليس فقط في بلدنا ولكن أيضًا فى سائر أنحاء العالم، يستتبعها العديد من الأمراض الأخرى. ورُغم محاولة الأطباء للسيطرة على السمنة عن طريق التوصية بتغيير نمط الحياة والأكل الصحي، إلا أن الجراحة قد تكون خيارًا متاحًا أمام المرضى في المراحل المتقدمة. ولقد أصبحت عمليات السمنة شائعة جدًا في الآونة الأخيرة، التي يشار إليها مجتمعةً باسم “جراحة البدانة”. يقول الدكتور ياسر سليمان أوغلو أن هذه العمليات، التي من خلالها يتسنى لمريض فقدان الوزن، تكون مفيدة للغاية بالنسبة لأولئك الذين يعانون من مرض السكري من النوع 2، ويقول: “إنه من الضروري وبشكلٍ خاص لمرضى زيادة الوزن الذين يعانون من ارتفاع مقاومة الأنسولين ولا يستجيبون للعلاج الطبي والمستمرين في زيادة الوزن أن يخضعوا لهذه الجراحة تجنبًا لتلف أعضائهم. ولجراحة السمنة نوعان هما جراحة قص المعدة وجراحة المجازة المعدية. يتم تحديد نوع العملية التي يتعين على المريض الخضوع لها خلال التعاون بين أخصائي السكري والجراح. ولقد أثببت هذه العمليات نجاحًا جوهريًا ملحوظًا حينما كانت تجرى على المرضى المناسبين بشكل صحيح ويعقبها عمليات الفحص منتظمة. ورغم ذلك، يظل من الضروري ألا يخضع لمثل هذه العمليات إلا من هو لائقًا ومناسبًا بها”. |