نجحت زراعة الخلايا الجذعية في علاج العديد من الاضطرابات المرضية؛ وأصبحت سبيلًا لاستعادة وظائف القلب المفقودة من جديد ويُحصل على تلك الخلايا من أنسجة المرضى ذاتهم. ويزيد ذلك الإجراء من جودة حياة المرضى ويطيل أعمارهم.
يعمل القلب كمضخة لإمداد أنسجة الجسم بالأكسجين الذي تحتاجه جميع أنسجة الجسم؛ وكذلك الدم الذي يحتوي على جميع المواد المغذية لهذه الأنسجة. وتُسمى طبقة العضلات القوية في القلب “عضلة القلب”، والتي تلعب دورًا أساسيًا في إتمام هذه الوظيفة. وعندما تفشل عضلة القلب في أداء هذه الوظيفة، يحدث ما يُسمى بفشل القلب. ويشمل علاج هذه الحالة التي يُسببها رئيسيًا نوبات القلب في البالغين والتهاب عضلة القلب في الأطفال إجراء زراعة للقلب حال فشل العلاجات التقليدية الأخرى وعدم كفايتها. ويُعرف أن تلف عضلة القلب لا يمكن عكسه ويسبب استبدال الخلايا الميتة بنسيج ضام غير قابلٍ للانقباض مما يسبب اعتلال وظائف القلب، ويقول البروفيسور إندر أدوميس استشاري أمراض قلب الأطفال في جامعة آسيباديم ومستشفى آتاكينت “يبدو جليًا أنه من الأفضل الاستبدال التام للعضو التالف بآخر حيوي في الوهلة الأولى، ولكن قد يسبب ذلك العديد من المشاكل بدءًا من العثور على متبرع ونهاية بقدرة الجسم على عدم رفض العضو المزروع. ويطور العلماء العديد من الطرق لحل تلك المشكلة وذلك لخلق نسخة من قلب المريض أو خلق خلايا حيوية لعضلة القلب لزرعها مكان الخلايا التالفة”.
“ويشمل الإجراء العديد من الطرق مثل حقن الخلايا الجذعية بعد الحصول عليها من جسم المريض ذاته في القلب أو داخل الوريد
“ويحبذ إجراء زراعة الخلايا الجذعية في الحالات التي أصيبت باعتلال وظائف عضلة القلب مما أدى إلى تضخمه وفشله؛ وحيث أصبحت زراعة القلب الخيار العلاجي الوحيد وحين تسببت عملية زراعة المجازات عقب الإصابة باحتشاء القلب درجة كبيرة من فقد الوظائف.”
وهنا يأتي دور أبحاث الخلايا الجذعية؛ ويشير البروفيسور إركومينت أوفالي المسئول الرسمي لمعمل الخلايا أسيباديم واستشاري أمراض الدم إلى أن علاج الخلايا الجذعية يعتمد على استبدال الخلايا المريضة بأخرى حيوية ويشرح إجراء زراعة الخلايا الجذعية في القلب المريض كما يلي: “ويشمل الإجراء العديد من الطرق مثل حقن الخلايا الجذعية بعد الحصول عليها من جسم المريض ذاته في القلب أو داخل الوريد القلبي لإصلاح عضلة القلب”.
وعندما تُحقن في القلب في المراحل المبكرة من المرض، تقلل الخلايا الجذعية موت الخلايا وذلك عن طريق دعم الأنسجة وتحفيز إنتاج الخلايا ونمو الأوعية الدموية الجديدة. وبجانب جميع تلك المزايا، تقلل الخلايا الجذعية الالتهاب الحادث في الأنسجة التالفة وتقي من تطور النسيج الضام غير المرغوب فيه داخل القلب. علاوة على ذلك، تشير الأبحاث إلى قدرة الخلايا الجذعية على التحول إلى أي نوعٍ من الخلايا في الجسم ويمكن توجيهها إلى التحول إلى خلايا عضلة القلب؛ مما يعني إمكانية استبدالها ببعض الخلايا التالفة على الأقل أو التي فقدت وظائفها في القلب. ويشير البروفيسور أوفالي على الرغم من صلاحية زراعة القلب واعتباره منهجًا علاجيًا صحيحًا، يفضل اختيار البدائل الأخرى نظرًا لارتفاع أخطاره وطول فترة التعافي ولا تقل زراعة الخلايا الجذعية أهمية عنه. “وتشير العديد من الدراسات خاصة في حالات اعتلال الجهاز الدوري قدرة زراعة الخلايا الجذعية في المراحل المبكرة على زيادة معدل تعافي المرضى من الحالة المرضية وشفائه تمامًا. ومعدل مضاعفات هذا الإجراء ضئيل جدًا. وإجمالًا، تساعد زراعة الخلايا الجذعية في القلب على تعافي المرضى تمامًا في الحالات التي فقد القلب فيه وظائفه نتيجة سبب قابلٍ للعلاج أو سبب مؤقت لن يتكرر مرة أخرى. على سبيل المثال، المريض الذي أصيب بنوبة قلبية نتيجة انسداد الشريان التاجي وخضع لعملية زراعة مجازة وتعافى من انسداد الشريان ولكن فقد القلب بعض وظائفه. وعندما يتلقى مثل هذا المريض علاج الخلايا الجذعية، يتضاعف أثر العلاج الشامل الدائم لوظائف القلب. وعلى الرغم من فعالية علاج الخلايا الجذعية في المراحل المبكرة من الحالات التي لا يُعرف فيها سبب اعتلال وظائف القلب أو سبب الحالة الباطن مثل اعتلال عضلة القلب غير معروف السبب، يصعب الجزم أن تأثير العلاج دائم لفترات طويلة. ولكن يمكننا القول أن هناك دراسات واعدة مستمرة على هذا الأمر”.
أول متطلبات زراعة الخلايا الجذعية تجميع الخلايا المراد تحويلها إلى خلايا عضلة القلب من المريض ذاته. ويشمل ذلك إزالة خلايا النسيج الضام من المريض وتكاثر تلك الخلايا في وسط مزرعة مناسب. ويشير البروفيسور أدوميس أن هناك العديد من الإشارات تُرسل إلى تلك الخلايا للتأكد من دخولها في المسارات اللازمة للتحول إلى خلايا عضلة القلب ويقول “بعد الحصول على كمية مناسبة، يتم إدخال تلك الخلايا الجذعية عن طريق تخطيط الأوعية إلى داخل القلب مباشرة أو الأوعية التاجية التي تُغذي القلب”.
ويُقتصر إجراء العلاج بالخلايا الجذعية لعلاج اضطرابات القلب والتي ضرب العالم العديد من الأمثلة عليها على فئات معينة من المرضى فقط. ويشير البروفيسور أوفالي إلى وقوع تلك الفئة تحت عمر 65 عامًا والذين حصلوا على موافقة وزارة الصحة ويقول “على الرغم من تحقيق هذا النوع من العلاج نتائج باهرة وعدم حدوث أي آثار جانبية إلى الآن، إلا أنه يلزم إجراء العديد من الدراسات الجديدة لزيادة فعالية العلاج لتحقيق نتائجٍ على المدى الطويل”.
يُلاحظ التعافي السريع عامة بعد بعض الإجراءات الأولى ولكن يجب أن يكون التعافي دائمًا. ويشرح البروفيسور أدوميس ما هو المتوقع حدوثه بعد العلاج كما يلي: “سنكون أكثر دقة حينما نقول أن المرضى سيحصلون على مزايا هائلة من العلاج في العيادة بدلًا من الجزم باستعادة وظائف القلب السابقة تمامًا وتجدد عضلة القلب كاملة. أي أن اعتلال وظائف القلب لن يشفى تمامًا، ولكن سيُنقذ المريض من تحوله إلى طريحٍ للفراش وسيستطيع العودة إلى ممارسة أنشطة اليومية”.
القلبي لإصلاح عضلة القلب”.