ربما تكون القدم أكثر عضو في جسم الإنسان يُساء معاملته، وعادةً ما تتقدم الاضطرابات التي تصيب هذا العضو بشكل تدريجي مع مرور الوقت. وتكون الجراحة الملاذ الأخير في علاج هذه الاضطرابات التي تنشأ عن أسباب، مثل الخمول البدني، والاختيار السيء للأحذية، والعوامل الوراثية.
اضطرابات القدم هي حالات تصيب أجزاء الجسم التي تحمل الوزن الكلي للشخص، ويكون بمقدورها الحد من جودة الحياة بدرجة كبيرة. وتحدث اضطرابات القدم والكاحل نتيجةً لطيف واسع من الأسباب، مثل الإصابات الرياضية، والاختيار السيء للأحذية، وعدم ممارسة الرياضة، وهي تتطلب علاجات مختلفة. ويشاركنا الأستاذ المشارك، باريش كوچا أوغلو، وهو طبيب عظام/جراح رضوح في مستشفى أتشيبادم قاضي كوي، بمعلومات حول اضطرابات القدم والكاحل الأكثر شيوعًا وطرق علاجها مشيرًا إلى أن الإجراءات التي كانت تُطبق في الماضي ليس لها مساحة كبيرة في نظم العلاج الحالية، وأصبحت طرق العلاج الصديقة للمرضى سائدة على نطاق أوسع الآن.
إصابات أربطة الكاحل
معظم حالات الرضوح التي تصل إلى أقسام الطوارئ تتضمن حالات من إصابة أربطة الكاحل. وتحدث هذه الإصابات عادةً أثناء مزاولة الأنشطة الرياضية لدى الشباب، ونتيجةً للحوادث، مثل السقوط أو التواء الكاحل.
طرق العلاج: بعد إجراء الفحص البدني، يخضع المريض للتصوير بالأشعة (الأشعة السينية) في حالة وجود إيلام في العظام. وما لم يكن هناك كسرًا، فإنه ينبغي على المريض الامتناع عن الوقوف أو المشي على القدم المصابة لبضعة أيام فحسب. وتتم إحاطة القدم المصابة بدعامة بلاستيكية أو ضمادة. ويلزم الأمر أيضًا الاحتفاظ بالقدم في وضع مرتفع فوق مستوى القلب، ووضع كيس ثلج لفترة عشرين دقيقة كل ساعتين أو ثلاث ساعات من أجل الحد من الوذمة. كذلك تُستخدم الأنواع غير الستيرويدية من مسكنات الألم والجل في العلاج. ولما تتم السيطرة على الألم، يصبح المريض قادرًا على الوقوف مستعينًا بعكاز. وتزول الشكاوى الناشئة عن الأعراض في أسبوع أو أسبوعين. وإن استمر ألم الكاحل رغم جميع العلاجات، فإن المريض يخضع لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي في ضوء احتمال تعرض الغضروف للتلف. وفي حال وجود أي تلف، يخضع المريض لمراقبة عن كثب أو إجراء تنظير مفصلي. وإذا عانى المريض من تكرار الإصابة أو الألم في أربطة الكاحل بسبب حدوث التواء أو إذا شعر الاختصاصي بوجود ارتخاء أثناء الفحص البدني، فيصبح لجراحة إعادة بناء الرباط الأولوية. وينطوي هذا الإجراء الذي يُجرى من خلال طرق جراحية مغلقة، على استبدال الأربطة التالفة بأخرى اصطناعية. ويصبح المريض قادرًا على الوقوف على قدمه بعد العملية دون الحاجة إلى أي جبيرة جبسية. وبعد استخدام حذاء المشي عالي الرقبة، والسيطرة على الألم، يصبح باستطاعة المريض المشي في أسبوع أو أسبوعين.
اضطرابات وتر العرقوب
يكون لهذا الوتر تركيب مختلف قليلاً عن تلك الأوتار الموجودة في بقية أنحاء الجسم. وبما أنه يفتقر إلى الغمد الزليلي الذي ينقل الدم، فمن الممكن حدوث انحلال أو ضمور في وتر العرقوب بعد سن الـ 40 أو الـ 50. وتشيع هذه الحالات بين الأشخاص الذين يعانون من سمنة مفرطة، وكذلك أولئك الذين يؤدون أنشطة معينة بشكل متكرر، وغيرهم من الذين يتعرضون لإصابات بصفة متكررة.
الأعراض: في أغلب الحالات، تصيب تلك الاضطرابات المنطقة المحيطة بالوتر، ونقاط ترابط الوتر. فمثلاً، يبدأ المريض في الإحساس بألم في كعبه، وبالأخص في الجزء العلوي منه، ووتر العرقوب الذي يقع في الجزء الخلفي من القدم. ويعد هذا الألم الذي عادةً ما يكون حادًا للغاية في الصباح بينما يصبح أكثر قابلية للتحمل في الساعات التالية من اليوم، أهم مؤشر على وجود التهاب مزمن.
طرق العلاج: يكشف الفحص البدني وجود بروز في حجم ثمرة الزيتون، والذي يشير إلى ضمور في وتر العرقوب. ويُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي من أجل تقييم وجود كيسات أو تفاعلات التهابية. وما لم تكن هناك كيسات أو تفاعلات التهابية، فإنه يتعين أن يمارس المريض تمارين التقوية اللامركزية. ويتولى اختصاصيو العلاج الطبيعي تعليم المريض كيفية ممارسة هذه التمارين. أما بالنسبة للمرضى الذين لا تستجيب حالاتهم للتمارين، فيمكنهم الحصول على علاج بالخلايا الجذعية أو البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP) بغرض إمداد هذه المنطقة المصابة، بالدم. وما لم يشهد الوتر أي تحسن، فإنه يتم التخلص من الأنسجة الضامرة في هذه المنطقة من خلال طرق جراحية مغلقة، واستخدام كاميرات حجمها من 1 إلى 3 ملم تضخم المنطقة بمعدل 10 إلى 12 مرة. ويصبح المريض قادرًا على المشي بواسطة حذاء مشي عالي الرقبة بعد العملية، ويستطيع ارتداء الأحذية العادية بمجرد مرور ثلاثة أو أربعة أسابيع
مسامير الكعب
يعاني 20% إلى 25% من المرضى الذين يأتون إلى هذا القسم المعني من مسامير الكعب. ويعد الاختيار السيء للأحذية، والوزن الزائد، والوقوف لساعات طويلة، والخمول البدني أكثر الأسباب شيوعًا لحدوث انحلال في أسفل القدم.
الأعراض: تظهر هذه الحالة بأعراض مشابهة لأعراض ألم وتر العرقوب. وإذا مرت سنوات دون علاجها، فقد يُصاب المريض بتفاعلات التهابية مزمنة. ويشعر المريض بألم طاعن في أول خطوة يخطوها في الصباح.
طرق العلاج: بما أنه يوجد التهاب في الكعب، فلن تؤثر أنواع الجل أو مسكنات الألم على هذه الحالة. وينطوي التشخيص على فحص اللفافة الأخمصية بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي. ويستلزم القضاء على تلك الحالة التي تظهر في صورة نتوء عظمي في الكتلة الغليظة من الأنسجة الضامة في القدم، إمداد المنطقة المصابة، بالدم. ويتراوح معدل النجاح بين 80% إلى 90% لعلاج هذه الحالة بتمارين شد باطن القدم، واستخدام حقن الكورتيزون في مرحلة مبكرة من المرض. في حين يخضع المرضى الذين لا يستجيبون لهذين العلاجين، لإجراءات مثل العلاجات بالشد، والعلاج بالبرودة، والعلاجات بالموجات فوق الصوتية. كذلك يمكن للاختصاصين إلحاق إصابة اصطناعية بالمنطقة المتضررة من أجل تحفيز الجسم على إمدادها بالدم بغرض الالتئام. وينطوي ذلك على استخدام جهاز العلاج بالموجات الصدمية خارج الجسم (ESWT) الذي يطبق موجات صدمية على الوتر. ويلطف هذا العلاج من حالة 60% إلى 70% من المرضى الذين يخضعون له لمدة خمس دقائق أسبوعيًا على مدى 6 أشهر. أما بالنسبة للمرضى الذين لا يستجيبون لأي طريقة من طرق العلاج تلك، وهم يشكلون 15% من إجمالي عدد المصابين بمسامير الكعب، فإنهم يتلقون العلاج بالبلازما الغنية بالصفائح الدموية. وتعد الجراحة المغلقة هي الملاذ الأخير للقضاء على مسامير الكعب، والتي تنطوي على الدخول إلى الكعب بواسطة كاميرا حجمها 2,5 مم. ويتم إرخاء النسيج الضام خلال العملية. وتزول جميع الآلام التي يشعر بها المريض في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر. ويتراوح معدل النجاح لهذا العلاج بين 90% و95%..
ثلاث خطوات للمحافظة على صحة الأقدام
إبهام القدم الأروح (تشوه إصبع القدم الكبير/تورم إبهام القدم)
يعد تشوه إصبع القدم الكبير أحد أكثر الحالات شيوعًا التي تصيب القدم، وتعاني النساء منه بمعدل 10 مرات أكثر من الرجال. وتظهر هذه المشكلة في صورتين. أولاهما، تبدو في شكل اعوجاج في إصبع القدم الكبير أثناء الطفولة، وخاصةً في سن 12 و13 عامًا. وبما أن المرضى خلال هذه المرحلة، لا يزالون في طور النمو، فهم لا يخضعون لأي إجراءات جراحية، ولكن ينبغي عليهم ممارسة تمارين وقائية. ومع ذلك، يُوصى المرضى الذين يبلغون 17 أو 18 عامًا، بالخضوع لجراحة. أما مجموعة المرضى من البالغين، فهي تتألف من أشخاص استخدموا أحذية سيئة كانت ضيقة للغاية طيلة سنوات عديدة، وقضوا قدرًا كبيرًا من الوقت متمركزين على أقدامهم. حتى من الممكن أن ترد حالات تنطوي على إصابة إصبع القدم الكبير بتشوه بين ليلة وضحاها. ويصيب إبهام القدم الأروح 30% إلى 40% من الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بهذا التشوه.
طرق العلاج: لا يوجد علاج وقائي لهذه الحالة. ولا تكون لفاصلات أصابع القدم، وضمادات أصابع القدم التصحيحية فائدة إلا لكبح الألم. ويقرر الاختصاصيون إجراء جراحة عندما يبين التصوير بالإشعاع أن التشوه قد تخطى مستوى معينًا. ونظرًا لأن طريقة الكشط تستتبع مخاطرة عالية لتكرار الإصابة، فهي لا تُستخدم في جراحة إبهام القدم الأروح. فإن هذه الجراحة تنطوي على إعادة تصحيح العظام لتصبح طبيعية من خلال إزلاقها. ويتم تثبيت العظم في موضعه باستخدام مسامير صغيرة، وإزالة أي جزء عظمي يبدو زائدًا. كما لم يعد من الضروري استخدام الأحذية الخاصة أو الجبائر الجبسية التي كانت تُستخدم في الماضي. حيث يصبح المرضى بعد الجراحة قادرين على ارتداء الأحذية الرياضية بعد ثلاث أسابيع، والأحذية العادية بعد شهر ونصف.
تشوه إصبع القدم المطرقي
توجد مشكلة أخرى تنجم من سوء اختيار الأحذية، وهي تشوه إصبع القدم المطرقي. وتحدث هذه المشكلة بشكل أكثر شيوعًا في حالات يكون فيها الإصبع الصغير أطول من الإصبع المجاور له. وبما أن الجزء من الحذاء الذي يدخل الإصبع الصغير فيه يكون ضيقًا، فإن الإصبع الطويل يُجبر على الانثناء. ويُصاب هذا الإصبع بالتشوه عندما يظل في الموضع ذاته بصفة مستمرة.
طرق العلاج: في التشوهات الناشئة عن أصابع القدم الطويلة بشكل مفرط، يكون من الممكن ربط إصبع القدم الطويل بشريط بحيث يظل مستقيمًا. وفي ارتداء المريض للحذاء وإصبع قدمه مربوطًا بشريط وقايةً له من تقدم حالة التشوهات الخفيفة لديه. ومع ذلك، تتطلب الحالات المتقدمة جراحة في عيادات خارجية. وتنطوي هذه الجراحة على تخدير القدم موضعيًا، وتثبيت مفصل إصبع القدم الملتوي بسلك. ويُزال هذا السلك خلال الأسبوع الثالث التالي للعملية، ومن ثم يصبح المريض قادرًا على العودة إلى حياته اليومية.