إن التطورات التي تطرأ على زراعة نخاع العظم التي يتم اجراؤها لأسباب مختلفة كعلاج سرطان الدم وبعض الأمراض الوراثية، تهدف الى التخلص من ضرورة ان يكون هناك تطابق تام بين الخلايا عند المتبرع والمتلقي. في هذه المرحلة تعتبر الدراسات التي تم أجراؤها من قبل هندسة الخلايا مهمة ايضا.
هذه العملية التي بدأت تحت اسم زراعة نخاع العظم في عام 1930 أصبحت تعرف الآن بزراعة الخلايا الجذعية. في حين أن التطابق التام بين خلايا المتبرع والمتلقي هو شرط اساسي في زرع الخلايا الجذعية، والذي لايزال يشار إليه باللغة المحلية باسم زراعة نخاع العظم، البروفيسور إركومنت اوفالي، أخصائي أمراض الدم في مستشفى أجيبدم التونيزاد ومدير مختبر الخلايا الجذعية في مختبرات الخلية لأجبيدم وبنك الدم والنخاع، قام بأعلان الخبر السار الذي افاد بإمكانية إجراء عمليات زرع ناجحة لاتحتاج سوى الى تطابق نصف الخلايا. ويستند زراعة نخاع واحد على إزالة الخلايا الجذعية من المريض ونقلها مرة اخرى اليه (زرع ذاتي) أو الى مريض آخر (الزرع الخيفي) لتشق الخلايا طريقها الى نخاع العظام لإنتاج خلايا الدم.
وتستخدم هذه الطريقة في علاج السرطانات التي تتطور في الغدد الليمفاوية والدم وبعض الأعضاء الصلبة، وكذلك في فشل نخاع العظام وبعض الأمراض الوراثية.
يتم اختيار زراعة الخلايا الجذعية (بالزرع الذاتي) للتمكن من استخدام جرعات عالية في إجراءات العلاج الكيميائي. وذلك بسبب ان الورم الموجود في المريض لديه ايضا انسجة خاصة به، وجميع أنواع العلاج الكيميائي الذي يتم علاج الورم به يمكن أن يضر المريض. العلاج الكيميائي يكون تأثيره اكثر على نخاع العظام، ومع ذلك فإن الطريقة الوحيدة لإعطاء جرعة عالية كما هو مطلوب للتخلص من الورم هو استخراج نخاع العظام قبل العلاج الكيميائي وتسمى العملية “بالنسخ الاحتياطي” ومن ثم اعطاء العلاج الكيميائي للمريض حسب الجرعات المطلوبة. ويتبع ذلك نقل الجزء المقطوع من ظهر المريض ليتم استبدال نخاع العظم التالف بالنخاع السليم. علاج الزرع الذاتي للخلايا الجذعية يعتبر وسيلة فعالة جدا، في البداية يقوم بإطالة عمر بعض المرضى وينقذ حياة آخرين ولكن لا يتم استخدامه بشكل متكرر لأنه لايوجد ضمان للتعافي من الورم بشكل كامل.
السعي وراء تطبيق طرق مختلفة في الزرع الذاتي سبب مشاكل وادى الى تفضيل استخدام طريقة الزرع الخيفي للخلايا الجذعية. يقول البروفيسور أوفالي أن هناك مسألة أخرى ذات أهمية حاسمة، والتي تتضمن ما يلي: “يتم زرع الخلايا الجذعية الخيفي عن طريق مطابقة الأنسجة عندما يتم استخراج الخلايا الجذعية من الشخص آلاخر، وجسم المريض لا يقوم برفض هذه الخلايا. في هذا النوع من الزرع، يمكن للخلايا المنقولة التعرف على الخلايا السرطانية وقتلها. ويمكن وصفها كنشوب معركة بين الخلايا. ومع ذلك فإن الفرصة التي تقدمها زراعة الخلايا الجذعية بواسطة الزرع الخيفي يمكن ايضا أن تسبب مشاكل”.
خلايا نخاع العظم المزروعة تصور جميع الخلايا في جسم المتلقي وليس فقط الخلايا السرطانية كخلايا أجنبية. بعبارة أخرى تقوم بهاجمة الخلايا الطبيعية وكذلك الخلايا السرطانية.
فمن الممكن ان يصيب الكلى والكبد والجلد بالضرر إذا لم يتم التخلص من الخلايا السرطانية بشكل كامل. ويؤكد البروفيسور اوفالي ان حقيقة طريقة التخلص من الورم يمكن أن تكون قاتلة إذا لم تكن تحت السيطرة، ويقر ان المخاطر المتعلقة بذلك تتطلب اتباع اساليب جديدة.
البحث عن حلول أخرى أصبح أكثر كثافة مع إضافة مشاكل أخرى مثل فشل الخلايا المزروعة للحفاظ على استمرارها وعدم وجود خلايا أخرى لحماية هذه. مع التقدم في العلم تم الكشف عن أن الخلايا التائية ( (Tفي الجهاز المناعي والتي لديها مجموعة خاصة بها. بعض هذه المجموعات تحارب الأورام والكائنات الدقيقة بينما الأخريات يحاربن الجسم نفسه. إن هندسة الخلايا تجعل من الممكن الحفاظ على المجموعات التي تقتل الخلايا السرطانية والكائنات الحية الدقيقة والتخلص من المجموعات التي تحارب الخلايا الطبيعية، وهذا يؤدي الى عدم ضرورة اجراء عمليات زرع بوجود تطابق كامل للخلايا وتجعل من الممكن اجراء عمليات زرع خلايا نصف متطابقة، يقول البروفيسور اوفالي “مع زراعة خلايا نصف متطابقة، إيجاد الأنسجة المتوافقة تماما لم تعد مشكلة. وسوف يكون كافيا أن تؤخذ الخلايا من الأم أو الأب أو الإخوة أو الأطفال”.
عندما تظهر نتائج عمليات الزرع والتي تكون ناجحة، يتم تحديد النقص في المعركة ضد الالتهابات الفيروسية. والدراسات المختبرية في هذا المجال وصلت إلى مزيد من التقدم. يقول البروفيسور اوفالي إن البحث الذي أجراه مع فريقه يظهر أن الخلايا التائية تتكون من مجموعات ذات أهداف متفاوتة وتتم عمليات زرع خلايا نصف متطابقة مع مزيج الخلايا التي يتم الاحتفاظ بها كما هي أو تغييرها لإزالة أو تقليل عدد بعض الخلايا. يحتوي المزيج خلايا T على ذاكرة والذي تقوم “بتعليم” اي من الخلايا ان يتم مهاجمتها: “نحن نقوم بتحضير مزيج جديد، وهو مزيج اصطناعي. إذا كان يقوم بالهجوم على الخلايا الطبيعية أو الاصابات التي تتطور، على الرغم من هذا، هناك خلايا جذعية خاصة التي يمكنها أن توقف الهجوم. نحن نستخدم الخلايا الجذعية التي تمنع الجسم من رفضها أو الخلايا الليمفاوية التائية التي أعدت خصيصا لعلاج اصابة محددة. باختصار تنقسم الخلية المتلاعبة حاليا الى قسمين رئيسيين. يستند الجزء الأول على التخلص من الخلايا التي تسبب ردود فعل سلبية وزرع الخلايا المفيدة في حين يتم تنفيذ الجزء الثاني فقط إذا كان هناك مشكلة على الرغم من الاستعدادات التي تم اجراؤها كما تستند الى زرع الخلايا التي من شأنها محاربة هذه المشكلة على وجه التحديد”.
يقول البروفيسور أوفالي هناك عدد قليل جدا من المراكز في العالم التي يمكن أن تقوم بهذه العمليات وفي مختبر الخلايا الجذعية، مختبر الخلية لأجبيدم، يتم العمل على زرع الخلايا متماثل النمط الفرداني (خلايا نصف متطابقة). وذكر البروفيسور أوفالي أيضا أن هدفهم هو تولي زمام المبادرة في عمليات الزرع التي لا تتطلب توافق الأنسجة، البروفيسور اوفالي يقول ما يلي: “ما نحتاج الى القيام به أولا هو تجميع سلسلة واعداد البيانات التي هي واسعة بما فيه الكفاية لإظهارها لتركيا وبقية العالم أن عملية زراعة خلايا نصف متطابقة تكون ناجحة كما تكون زراعة الخلايا المتطابقة بالكامل. ونظرا لارتفاع التكاليف المرتبطة بهذه العمليات، نحاول ما بوسعنا لكي نستطيع توفيرها للجميع في البلاد ضمن نطاق التأمين الصحي”.
عندما لا يمكن العثور على الأنسجة متوافقة بالكامل لعملية الزرع، وفترة الانتظار حتى الحصول على نخاع العظام المتطابق تماما من متبرعي نخاع العظم في جميع أنحاء العالم يمكن ان تستغرق ستة أشهر. كان من الممكن ان يموت المريض خلال هذا الوقت. مؤسسة مركز تنسيق الخلايا الجذعية التركية (توركوك) قللت فترة الانتظار هذه الى شهرين. وحتى فترة الشهرين تكون خطرة للغاية بالنسبة للمرضى، يقول البروفيسور إركومنت أوفالي: “ليس هناك أي ضمان بأن يتم العثور على نخاع العظم المناسب. أن تأكيدات نتائج نجاح عمليات زرع خلايا نصف متطابقة تحول دون الحاجة الى مراكز التبرع من خلال تقديم طريقة أكثر فعالية مع آثار جانبية أقل”.